الأربعاء، 28 أكتوبر 2020

بعض نصوص ائمة السلف المتقدمين في التفريق بين النوع والعين وفي عذر اعيان الواقعين بالشرك الأكبر بالجهل

بسم الله الرحمن الرحيم


قبل ذكر النصوص هذا مقال من اثار السلف المتقدمين في بيان أن المعطلة لصفات الخالق -عز وجل- مشركين وفي بيان أنهم اظهر واعظم شركا من عباد الأوثان ومن اليهود والنصارى ↓↓

https://justpaste.it/Jahmia


بعض نصوص الأئمة في عذر المعطلة لصفات الخالق -عز وجل- الواقعين بالشرك الأكبر بالجهل:

- عذر الإمام أحمد بن حنبل للخليفة المعتصم لتأويله وجهله والبيعة والطاعة له والنهي عن الخروج عليه

قال الامام احمد عن الخليفة المعتصم:
(وكان لا يعلم ولا يعرف، ويظن أن القول قولهم، فيقول: يا أحمد إني عليك شفيق، فقلت: يا أمير المؤمنين هذا القرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخباره، فما وضح من حجة صرت إليها. قال: فيتكلم هذا وهذا) الإبانة لابن بطة 6/253 ط دار الراية

وقال: (ثم جعل يقول لي: ما أعرفك! ألم تكن تأتينا؟ فقال له عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين، أعرفه من ثلاثين سنة، يرى طاعتك والحج والجهاد معك، وهو ملازم لمنزله) المحنة لعبدالغني المقدسي (ص: 55)  ط دار الكتب العلمية / الاولى

وقال: (وقد جعلت أبا إسحاق "المعتصم" في حل ورأيت الله عز وجل يقول: {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالعفو في قضية مسطح، ثم قال أبو عبد الله: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذب أخوك المسلم بسببك ولكن تعفو وتصفح عنه، فيغفر الله لك كما وعدك.) المحنة لعبدالغني المقدسي (ص: 92)  ط دار الكتب العلمية / الاولى

- عذر الإمام أحمد بن حنبل للخليفة الواثق لتأويله وجهله والبيعة والطاعة له والنهي عن الخروج عليه

قال الخلال في "السنة" (1/133-134): (90 - وأخبرني علي بن عيسى قال سمعت حنبل يقول: في ولاية الواثق اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبدالله أبو بكر بن عبيد وإبراهيم بن علي المطبخي وفضل بن عاصم فجاؤوا إلى أبي عبدالله فاستأذنت لهم فقالوا يا أبا عبدالله هذا الأمر قد تفاقم وفشا يعنون إظهاره لخلق القرآن وغير ذلك فقال لهم أبو عبدالله فما تريدون قالوا أن نشاورك في أنا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه فناظرهم أبو عبدالله ساعة وقال لهم عليكم بالنكرة بقلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم انظروا في عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر ودار في ذلك كلام كثير لم أحفظه ومضوا ودخلت أنا وأبي على أبي عبدالله بعدما مضوا فقال أبي لأبي عبدالله نسأل الله السلامة لنا ولأمة محمد وما أحب لأحد أن يفعل هذا وقال أبي يا أبا عبدالله هذا عندك صواب قال لا هذا خلاف الآثار التي أمرنا فيها بالصبر ثم ذكر أبو عبدالله قال قال النبي إن ضربك فاصبر وإن وإن فاصبر فأمر بالصبر قال عبدالله بن مسعود وذكر كلاما لم أحفظه)

- عذر الامام عبدالعزيز الكناني للخليفة المأمون لجهله والبيعة والطاعة له والنهي عن الخروج عليه

قال الامام الكناني :

(اتصل بي وأنا بمكة ما قد أظهره بشر بن غياث المريسي ببغداد من القول بخلق القرآن، ودعائه الناس إلى موافقته على قوله ومذهبه وتشبيهه على أمير المؤمنين المأمون وعامة الناس وما قد دفع الناس إليه من المحنة، والأخذ في الدخول في هذا الكفر والضلالة، ورهبة الناس وفزعهم من مناظرته، وإحجامهم عن الرد عليه بما يكسرون به قوله، ويدحضون به حجته ويبطلون به مذهبه، واستتار المؤمنين في بيوتهم وانقطاعهم عن الجمعات والجماعات، وهريهم من بلد إلى بلد، خوفا على أنفسهم وأديانهم، وكثرة موافقة الجهال والرعاع من الناس لبشر على مذهبه وكفره وضلالته، والدخول في بدعته، والانتحال لمذهبه، رغبة في الدنيا ورهبة من العقاب الذي كان يعاقب به من خالفه على مذهبه.) الحيدة والاعتذار ص 21 ط مكتبة العلوم والحكم.

وقال ايضا رحمه الله: (اجتمعت مع أمير المؤمنين بعد هذا المجلس فجرت بيني وبينه مناظرات كثيرة، فقال لي بعدما جرى بيننا: ويحك يا عبد العزيز، قل: القرآن مخلوق، فوالله لأوطأن الرجال عقبك، ولا نوهن باسمك، فإن لم تقل، فانظر ما ينزل بك مني، فقلت: يا أمير المؤمنين إن القلوب لا ترد بالرغبة ولا بالرهبة، ترغبني فتقول: قل حتى أفعل بك، وإن لم تفعل، انظر ماذا ينزل بك مني، فيميل إليك لساني ولا ينطق لك قلبي، فأكون قد نافقتك يا أمير المؤمنين. فقال: ويحك، فبماذا ترد القلوب؟ قال: قلت: بالبصائر يا أمير المؤمنين، بصرني من أين القرآن مخلوق؟. فقال لي: صدقت) الابانة لابن بطة 6/248 ط دار الراية

- الاجماع على اشتراط اقامة الحجة لتكفير اعيان الجهمية نقله الامام ابن ابي عاصم الشيباني (ت 287 هـ)

قال رحمه الله: (ومما اتفق أهل العلم على أن نسبوه إلى السنة... -الى أن قال- والقرآن كلام الله تبارك وتعالى تكلم الله به ليس بمخلوق، ومن قال: مخلوق، ممن قامت عليه الحجة فكافر بالله العظيم، ومن قال من قبل أن تقوم عليه الحجة فلا شيء عليه) كتاب السنة له 2/645 ط المكتب الاسلامي

- قال الامام البخاري (ت 256 هـ) عن اعيان المعطلة لصفات الخالق -عز وجل-:

(وكل من لم يعرف الله بكلامه أنه غير مخلوق فإنه يعلم، ويرد جهله إلى الكتاب والسنة، فمن أبى بعد العلم به، كان معاندا، قال الله تعالى: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون} [التوبة: 115] ، ولقوله: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} [النساء: 115] ، فأما ما احتج به الفريقان لمذهب أحمد ويدعيه كل لنفسه، فليس بثابت كثير من أخبارهم، وربما لم يفهموا دقة مذهبه، بل المعروف عن أحمد وأهل العلم أن كلام الله غير مخلوق، وما سواه مخلوق، وأنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة، وتجنبوا أهل الكلام، والخوض والتنازع إلا فيما جاء فيه العلم، وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم) خلق افعال العباد ص 62 ط دار المعارف

قال صلى الله عليه وسلم : [ إن رجلاً لم يعمل خيراً قط فقال لأهله إذا مات فأحرقوه، ثم اذروا نصفه في البر ونصفه في البحر، فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، فلما مات الرجل، فعلوا به كما أمرهم، فأمر الله البر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، فإذا هو قائم بين يديه، ثم قال: لم فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يارب وأنت أعلم فغفر الله له ]. متفق عليه


- قال الإمام ابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ) : (وهذا رجل مؤمن بالله، مقر به، خائف له، إلا أنه جهل صفة من صفاته، فظن أنه إذا أحرق وذري في الريح أنه يفوت الله تعالى، فغفر الله تعالى له بمعرفته ما بنيته، وبمخافته من عذابه جهله بهذه الصفة من صفاته). اهـ

معلوم أن جهل صفة القدرة أوالشك بها شرك أكبر في الربوبية.

والشرك في الربوبية اظهر وأعظم من الشرك في الالوهية.

ومع هذا فإن الإمام ابن قتيبة -رحمه الله- يقرر الى أن من وقع في هذا جهلا أنه معذور.


- قال الإمام الحافظ قوام السنة أبوالقاسم الطلحي إسماعيل بن محمد (ت 535 هـ) :

(ومن تعمد خلاف أصل من هذه الأصول وكان جاهلاً لم يقصد إليه من طريق العناد فإنه لا يكفر، لأنه لم يقصد اختيار الكفر ولا رضي به وقد بلغ جهده فلم يقع له غير ذلك، وقد أعلم الله سبحانه أنه لا يؤاخذ إلا بعد البيان، ولا يعاقب إلا بعد الإنذار فقال تعالى: {وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم} فكل من هداه الله عز وجل ودخل في عقد الإسلام فإنه لا يخرج إلى الكفر إلا بعد البيان). الحجة في بيان المحجة (2/511)


- قال الامام الدارمي في بيان أن اعيان المعطلة للصفات لا يكفّرون الا بعد اقامة الحجة عليهم من الكتاب والسنة :

(واحتججنا عليه -يعني احد رؤس المعطلة للصفات في مناظرته معه- بما تقوم به الحجة من الكتاب والسنة) النقض على المريسي (ص 226-227) ط المكتبة الاسلامية


مع التذكير أن الجهم بن صفوان مقتول سنة 128 هـ وهؤلاء الائمة مولودون بعده باكثر من 50 عام على الاقل.

ومع ذلك لم يكونوا يعينون التكفير على اعيان المعطلة لصفات الخالق -عز وجل- وهم اظهر واشد شركا من عباد الاوثان الا بعد ثبوت قيام الحجة وتحقق الشروط وانتفاء الموانع.

وفي تقرير ذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

(مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية ولا كل من قال إنه جهمي كفره ولا كل من وافق الجهمية في بعض بدعهم؛ بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا إلى قولهم وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة لم يكفرهم أحمد وأمثاله؛ بل كان يعتقد إيمانهم وإمامتهم؛ ويدعو لهم؛ ويرى الائتمام بهم في الصلوات خلفهم والحج والغزو معهم والمنع من الخروج عليهم ما يراه لأمثالهم من الأئمة. وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم وإن لم يعلموا هم أنه كفر؛ وكان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب الإمكان؛ فيجمع بين طاعة الله ورسوله في إظهار السنة والدين وإنكار بدع الجهمية الملحدين؛ وبين رعاية حقوق المؤمنين من الأئمة والأمة؛ وإن كانوا جهالا مبتدعين؛ وظلمة فاسقين.) مجموع الفتاوى 7/508

وقال عن بعض المسلمين الواقعين في شرك القبور الأكبر جهلاً:
(يثاب الرجل على ما معه من الإيمان القليل ويغفر الله فيه لمن لم تقم الحجة عليه) مجموع الفتاوى 35 / 164 – 166

وقال: (وإذا عرف هذا فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر. وهكذا الكلام في تكفير جميع المعينين مع أن بعض هذه البدعة أشد من بعض وبعض المبتدعة يكون فيه من الإيمان ما ليس في بعض فليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة. ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة.) مجموع الفتاوى (12/ 500)

وقال: (لا يلزم إذا كان القول كفراً، أن يكفر كل من قاله مع الجهل والتأويل؛ فإن ثبوت الكفر في حق الشخص المعين، كثبوت الوعيد في الآخرة في حقه، وذلك له شروط وموانع، كما بسطناه في موضعه) اهـ منهاج السنة 5/240

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق