بسم الله الرحمن الرحيم
قبل ذكر النصوص هذا مقال من اثار السلف المتقدمين في بيان أن المعطلة لصفات الخالق -عز وجل- مشركين وفي بيان أنهم اظهر واعظم شركا من عباد الأوثان ومن اليهود والنصارى ↓↓
بعض نصوص الأئمة في عذر المعطلة لصفات الخالق -عز وجل- الواقعين بالشرك الأكبر بالجهل:
- قال الامام البخاري (ت 256 هـ) عن اعيان المعطلة لصفات الخالق -عز وجل-:
(وكل من لم يعرف الله بكلامه أنه غير مخلوق فإنه يعلم، ويرد جهله إلى الكتاب والسنة، فمن أبى بعد العلم به، كان معاندا، قال الله تعالى: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون} [التوبة: 115] ، ولقوله: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} [النساء: 115] ، فأما ما احتج به الفريقان لمذهب أحمد ويدعيه كل لنفسه، فليس بثابت كثير من أخبارهم، وربما لم يفهموا دقة مذهبه، بل المعروف عن أحمد وأهل العلم أن كلام الله غير مخلوق، وما سواه مخلوق، وأنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة، وتجنبوا أهل الكلام، والخوض والتنازع إلا فيما جاء فيه العلم، وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم) خلق افعال العباد ص 62 ط دار المعارف
قال صلى الله عليه وسلم : [ إن رجلاً لم يعمل
خيراً قط فقال لأهله إذا مات فأحرقوه، ثم اذروا نصفه في البر ونصفه في البحر،
فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، فلما مات
الرجل، فعلوا به كما أمرهم، فأمر الله البر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه،
فإذا هو قائم بين يديه، ثم قال: لم فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يارب وأنت أعلم فغفر
الله له ]. متفق عليه
- قال الإمام ابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ) : (وهذا رجل
مؤمن بالله، مقر به، خائف له، إلا أنه جهل صفة من صفاته، فظن أنه إذا أحرق وذري في
الريح أنه يفوت الله تعالى، فغفر الله تعالى له بمعرفته ما بنيته، وبمخافته من
عذابه جهله بهذه الصفة من صفاته). اهـ
معلوم أن جهل صفة القدرة أوالشك بها شرك أكبر في
الربوبية.
والشرك في الربوبية اظهر وأعظم من الشرك في
الالوهية.
ومع هذا فإن الإمام ابن قتيبة -رحمه الله- يقرر الى أن من وقع في هذا جهلا أنه معذور.
- قال الإمام الحافظ قوام السنة أبوالقاسم الطلحي إسماعيل بن محمد (ت 535 هـ) :
(ومن تعمد خلاف أصل من هذه الأصول وكان جاهلاً لم يقصد إليه من طريق العناد فإنه لا يكفر، لأنه لم يقصد اختيار الكفر ولا رضي به وقد بلغ جهده فلم يقع له غير ذلك، وقد أعلم الله سبحانه أنه لا يؤاخذ إلا بعد البيان، ولا يعاقب إلا بعد الإنذار فقال تعالى: {وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم} فكل من هداه الله عز وجل ودخل في عقد الإسلام فإنه لا يخرج إلى الكفر إلا بعد البيان). الحجة في بيان المحجة (2/511)
- قال الامام الدارمي في بيان أن اعيان المعطلة للصفات لا يكفّرون الا بعد اقامة الحجة عليهم من الكتاب والسنة :
(واحتججنا عليه -يعني احد رؤس المعطلة للصفات في مناظرته معه- بما تقوم به الحجة من الكتاب والسنة) النقض على المريسي (ص 226-227) ط المكتبة الاسلامية
مع التذكير أن الجهم بن صفوان مقتول سنة 128 هـ وهؤلاء الائمة مولودون بعده باكثر من 50 عام على الاقل.
ومع ذلك لم يكونوا يعينون التكفير على اعيان المعطلة لصفات الخالق -عز وجل- وهم اظهر واشد شركا من عباد الاوثان الا بعد ثبوت قيام الحجة وتحقق الشروط وانتفاء الموانع.
وفي تقرير ذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
(مع أن أحمد لم يكفر أعيان الجهمية ولا كل من قال
إنه جهمي كفره ولا كل من وافق الجهمية في بعض بدعهم؛ بل صلى خلف الجهمية الذين
دعوا إلى قولهم وامتحنوا الناس وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الغليظة لم يكفرهم
أحمد وأمثاله؛ بل كان يعتقد إيمانهم وإمامتهم؛ ويدعو لهم؛ ويرى الائتمام بهم في
الصلوات خلفهم والحج والغزو معهم والمنع من الخروج عليهم ما يراه لأمثالهم من
الأئمة. وينكر ما أحدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم وإن لم يعلموا هم أنه
كفر؛ وكان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب الإمكان؛ فيجمع بين طاعة الله ورسوله في
إظهار السنة والدين وإنكار بدع الجهمية الملحدين؛ وبين رعاية حقوق المؤمنين من
الأئمة والأمة؛ وإن كانوا جهالا مبتدعين؛ وظلمة فاسقين.) مجموع الفتاوى 7/508
وقال: (وإذا عرف هذا فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر. وهكذا الكلام في تكفير جميع المعينين مع أن بعض هذه البدعة أشد من بعض وبعض المبتدعة يكون فيه من الإيمان ما ليس في بعض فليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة. ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة.) مجموع الفتاوى (12/ 500)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق