بسم الله الرحمن الرحيم
هذا رد من العلامة عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن والعلامة عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب على الخوارج الذين لا يعذرون بالجهل في الشرك الاكبر ويقولون عن عباد القبور انهم كفار اصليين، او مرتدين قبل قيام الحجة، ويسوون بين المسلمين الجهال والكفار الأصليين في باب الاسماء والاحكام وذلك بكذبة الاسم والحكم، وفيه بيان أن المعين من المبتدعة عباد القبور لا يخرج من الاسلام ويحكم عليه بالردة الا بعد اقامة الحجة وتحقق الشروط وانتفاء الموانع.
مع التنبيه: أن من يقول ببدعة عدم العذر بالجهل والتأويل في الشرك الأكبر وذلك بكذبة الاسم والحكم يلزمه تكفير علماء وحكّام (دولة المماليك) وعلماء وحكّام (الدولة العثمانية) وعامة المسلمين، لأن هاتين الدولتين من تأسيسها الى زوالها كانت قبورية ومعطلة للصفات جهمية، وقد رد عليهم شيخ الاسلام ابن تيمية بكتابين:
1- (الاستغاثة في الرد على ابن البكري) في شرك القبور والاوثان
وقال: (فإن الكفر والفسق أحكام شرعية، ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل. فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقا، كما أن المؤمن والمسلم من جعله الله ورسوله مؤمنا ومسلما... -إلى أن قال:- فهذه المسائل كلها ثابتة بالشرع.) منهاج السنة 5/93
اسماء واحكام من ينطق بالشهادتين:
او [ مرتد كافر مشرك ] خالد مخلد في النار وليس هناك مرتد يمتحن يوم القيامة
قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}. (النساء 115)
قال صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته) صحيح البخاري
الشهادتين والصلاة وباقي اركان الإسلام والإيمان (توحـيد وايمان)
قال الإمام ابن بطة: (وإقام الصلاة هو العمل، وهو الدين الذي أرسل به المرسلين، وأمر به المؤمنين، فما ظنكم رحمكم الله بمن يقول: إن الصلاة ليست من الإيمان والله عز وجل يقول: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين}.) الإبانة الكبرى 2/792
والتوحيد والإيمان يجتمع مع الشرك والكفر اذا وجد مانع من الموانع الشرعية كالإكراه والجهل والتأويل والخطأ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن بعض المسلمين الواقعين في شرك القبور الأكبر جهلاً:
(يثاب الرجل على ما معه من الإيمان القليل ويغفر الله فيه لمن لم تقم الحجة عليه) مجموع الفتاوى 35 / 164 – 166
وقال: (وإذا عرف هذا فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وأمثالهم بحيث يحكم عليه بأنه من الكفار لا يجوز الإقدام عليه إلا بعد أن تقوم على أحدهم الحجة الرسالية التي يتبين بها أنهم مخالفون للرسل وإن كانت هذه المقالة لا ريب أنها كفر. وهكذا الكلام في تكفير جميع المعينين مع أن بعض هذه البدعة أشد من بعض وبعض المبتدعة يكون فيه من الإيمان ما ليس في بعض فليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة. ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة.) مجموع الفتاوى (12/ 500)
وقال: (فغالب الناس إسلامهم حكمي ... إنما يعملون الأعمال عادة ومتابعة كما هو الواقع في كثير من الناس) مجموع الفتاوى ج 26/ ص 32
قال الإمام الحافظ قوام السنة أبوالقاسم الأصبهاني: (ومن تعمد خلاف أصل من هذه الأصول وكان جاهلاً لم يقصد إليه من طريق العناد فإنه لا يكفر، لأنه لم يقصد اختيار الكفر ولا رضي به وقد بلغ جهده فلم يقع له غير ذلك، وقد أعلم الله سبحانه أنه لا يؤاخذ إلا بعد البيان، ولا يعاقب إلا بعد الإنذار فقال تعالى: {وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداه} فكل من هداه الله عز وجل ودخل في عقد الإسلام فإنه لا يخرج إلى الكفر إلا بعد البيان). الحجة في بيان المحجة (2/511)
قال العلامة عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن رحمه الله:
([الرد على المعترض في قوله عن الشيخ
وجعل بلاد المسلمين كفارًا أصليين]
وأما قوله: (وجعل بلاد المسلمين
كفارًا أصليين).
فهذا كذب وبهت، ما صدر ولا قيل، ولا
أعرفه عن أحد من المسلمين فضلًا عن أهل العلم والدين؛ بل كلهم مجمعون على أن بلاد
المسلمين لها حكم الإسلام في كل زمان ومكان.
وإنما تكلَّم الناس في بلاد
المشركين، الذين يعبدون الأنبياء والملائكة والصالحين، ويجعلونهم أندادًا لله ربِّ
العالمين، أو يسندون إليهم التصرف والتدبير كغلاة القبوريين، فهؤلاء تكلم الناس في
كفرهم وشركهم وضلالهم، والمعروف المتفق عليه عند أهل العلم: أن من فعل ذلك ممن
يأتي بالشهادتين يحكم عليه بعد بلوغ الحجة بالكفر والردَّة ولم يجعلوه كافرًا
أصليًّا، وما رأيت ذلك لأحد سوى محمد بن إسماعيل في رسالته تجريد التوحيد المسمى:
"بتطهير الاعتقاد" وعلَّل هذا القول: بأنهم لم يعرفوا ما دلَّت عليه
كلمة الإخلاص، فلم يدخلوا بها في الإسلام مع عدم العلم بمدلولها، وشيخنا لا يوافقه
على ذلك.
ولكن هذا المعترض لا يتحاشى من الكذب
ولو كان من الميتة والموقوذة والمتردية، وما رأيت شيخ الإسلام أطلق على بلد من
بلاد المنتسبين إلى الإسلام إنها بلد كفر، ولكنه قرر أن دعاء الصالحين وعبادتهم
بالاستعانة والاستغاثة والذبح والنذر والتوكل، على أنهم وسائط بين العباد وبين
الله في الحاجات والمهمات، هو دين المشركين وفعل الجاهلية الضالين من الأميين
والكتابيين، فظنَّ هذا أن لازم قوله أنه يحكم على هذه البلاد أنها بلاد كفر، وهذا
ليس بلازم، ولو لزم، فلازم المذهب ليس بمذهب، ونحن نطالب الناقل بتصحيح نقله.
نعم؛ ذكر الحنابلة وغيرهم أن البلدة
التي تجرى عليها أحكام الكفر، ولا تظهر فيها أحكام الإسلام بلدة كفر؛ وما ظهر فيها
هذا وهذا فقد أفتى فيها شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه يراعى فيها الجانبان فلا تعطى
حكم الإسلام من كل وجه، ولا حكم الكفر من كل وجه، كما نقله عنه ابن مفلح وغيره.
وقوله: (فلا تؤكل ذبائحهم عنده ولا
تحل نساؤهم).
فهذا من نمط ما قبله، والشيخ لا يمنع
من ذبيحة الشخص المعين إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ودخل في
الإسلام، ما لم يأتِ بمانع يمنع من حل ذبحه، وكذا حكم النساء، فكيف يقول ذلك في
أهل بلد وأهل قرية لا يعلم تفاصيل أحوالهم وما يجري منهم من النواقص إلا الله عالم
الغيب والشهادة.
وأما القتال: فلم يقاتل إلا أصل الإسلام، والتزام مبانيه العظام، ومن نقل عنه أنه قاتل على غير ذلك فقد كذب وافترى، على أن بعض العلماء يرى القتال على ترك بعض الواجبات. فكيف بما أجمع عليه سلف الأئمة وأئمتها؟.) مصباح الظلام في الرد على من كذب الشيخ الإمام ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام ص 22-23 ط دار الهداية
وقال: (وقد رأيت سنة أربع وستين، رجلين من أشباهكم، المارقين، بالأحساء، قد اعتزلا الجمعة والجماعة، وكفرا من في تلك البلاد من المسلمين، وحجتهم من جنس حجتكم، يقولون: أهل الأحساء يجالسون ابن فيروز، ويخالطونه، هو وأمثاله، ممن لم يكفر بالطاغوت، ولم يصرح بتكفير جده، الذي رد دعوة الشيخ محمد، ولم يقبلها، وعاداها.
قالا: ومن لم يصرح بكفره، فهو كافر
بالله، لم يكفر بالطاغوت؛ ومن جالسه، فهو مثله؛ ورتبوا على هاتين المقدمتين
الكاذبتين الضالتين، ما يترتب على الردة الصريحة من الأحكام، حتى تركوا رد السلام،
فرفع إلي أمرهم، فأحضرتهم، وتهددتهم، وأغلظت لهم القول؛ فزعموا أولا: أنهم على
عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن رسائله عندهم، فكشفت شبهتهم، وأدحضت ضلالتهم،
بما حضرني في المجلس.
وأخبرتهم ببراءة الشيخ من هذا
المعتقد والمذهب، وأنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك
الأكبر، والكفر بآيات الله ورسله، أو بشيء منها، بعد قيام الحجة، وبلوغها المعتبر،
كتكفير من عبد الصالحين، ودعاهم مع الله، وجعلهم أندادا له، فيما يستحقه على خلقه،
من العبادات، والإلهية، وهذا مجمع عليه أهل العلم والإيمان، وكل طائفة من أهل
المذاهب المقلدة، يفردون هذه المسألة بباب عظيم، يذكرون فيه حكمها، وما يوجب الردة
ويقتضيها، وينصون على الشرك؛ وقد أفرد ابن حجر هذه المسألة، بكتاب سماه: الإعلام
بقواطع الإسلام.
وقد أظهر الفارسيان المذكوران،
التوبة والندم، وزعما أن الحق ظهر لهما، ثم لحقا بالساحل، وعادا إلى تلك المقالة،
وبلغنا عنهم تكفير أئمة المسلمين، بمكاتبة الملوك المصريين، بل كفروا من خالط من
كاتبهم من مشايخ المسلمين، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، والحور بعد الكور.
وقد بلغنا عنكم نحو من هذا، وخضتم في
مسائل من هذا الباب، كالكلام في الموالاة والمعاداة، والمصالحة والمكاتبات، وبذل
الأموال والهدايا، ونحو ذلك من مقالة أهل الشرك بالله والضلالات، والحكم بغير ما
أنزل الله عند البوادي، ونحوهم من الجفاة، لا يتكلم فيها إلا العلماء من ذوي
الألباب، ومن رزق الفهم عن الله، وأوتي الحكمة وفصل الخطاب.
والكلام في هذا يتوقف على معرفة ما
قدمناه، ومعرفة أصول عامة كلية، لا يجوز الكلام في هذا الباب، وفي غيره، لمن
جهلها، وأعرض عنها وعن تفاصيلها، فإن الإجمال والإطلاق، وعدم العلم، بمعرفة مواقع
الخطاب، وتفاصيله، يحصل به من اللبس، والخطأ، وعدم الفقه عن الله، ما يفسد
الأديان، ويشتت الأذهان، ويحول بينها، وبين فهم السنة والقرآن، قال: ابن القيم، في
كافيته، رحمه الله تعالى:
فعليك بالتفصيل والتبيين فال ...
إطلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطاال ...
أذهان والآراء كل زمان
وأما التكفير بهذه الأمور التي
ظننتموها، من مكفرات أهل الإسلام فهذا مذهب الحرورية المارقين، الخارجين على علي
بن أبي طالب، أمير المؤمنين، ومن معه من الصحابة، فإنهم أنكروا عليه تحكيم أبي
موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، في الفتنة التي وقعت بينه وبين معاوية وأهل الشام،
فأنكرت الخوارج عليه ذلك، وهم في الأصل من أصحابه، من قراء الكوفة والبصرة،
وقالوا: حكمت الرجال في دين الله، وواليت معاوية، وعمرا، وتوليتهما، وقد قال الله
تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} [سورة الأنعام آية: 57] وضربت المدة بينك
وبينهم، وقد قطع الله هذه الموادعة والمهادنة، منذ أنزلت براءة.
وطال بينهما النّزاع والخصام، حتى أغاروا على سرح المسلمين، وقتلوا من ظفروا به من أصحاب علي، فحينئذ شمر رضي الله عنه لقتالهم، وقتلهم دون النهروان، بعد الإعذار والإنذار، والتمس: "المخدج" المنعوت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره من أهل السنن، فوجده علي، فسر بذلك، وسجد لله شكرا على توفيقه، وقال: " لو يعلم الذي يقاتلونهم، ماذا لهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لنكلوا عن العمل"، هذا: وهم أكثر الناس عبادة، وصلاة، وصوما.) الدرر السنية (1/ 467)
وقال العلامة عبد الله بن محمد بن عبدالوهاب توضيحا لمنهج امام الدعوة وطلابه وتقريراً للعذر بالجهل والتأويل لمن وقع بالشرك الأكبر "وفيه بيان أن معظم العلماء المتأخرين واقعون في شرك القبور كعلماء دولة المماليك وعلماء الدولة العثمانية ثم تقرير الاعتذار لهم والترحم عليهم والاستفادة من بعض كتبهم":
هذا وقد رأى معاوية وأصحابه - رضي الله عنهم - منابذة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتاله، ومناجزته الحرب، وهم في ذلك مخطئون بالإجماع، واستمروا في ذلك الخطأ، ولم يشتهر عن أحد من السلف تكفير أحد منهم إجماعا، بل ولا تفسيقه، بل أثبتوا لهم أجر الاجتهاد، وإن كانوا مخطئين، كما أن ذلك مشهور عند أهل السنة.
ونحن كذلك لا نقول بكفر من صحت ديانته، وشهر صلاحه، وعلم ورعه وزهده، وحسنت سيرته، وبلغ من نصحه الأمة، ببذل نفسه لتدريس العلوم النافعة، والتآليف فيها، وإن كان مخطئا في هذه المسألة أو غيرها، كابن حجر الهيتمي، فإنا نعرف كلامه في الدر المنظم، ولا ننكر سمة علمه، ولهذا نعتني بكتبه، كشرح الأربعين، والزواجر، وغيرها، ونعتمد على نقله إذا نقل لأنه من جملة علماء المسلمين.
هذا ما نحن عليه، مخاطبين من له عقل وعلم، وهو متصف بالإنصاف، خال عن الميل إلى التعصب والاعتساف، ينظر إلى ما يقال، لا إلى من قال، وأما من شأنه لزوم مألوفه وعادته، سواء كان حقا، أو غير حق، فقلد من قال الله فيهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [سورة الزخرف آية: 23]، عادته وجبلته أن يعرف الحق بالرجال لا الرجال بالحق، فلا نخاطبه وأمثاله إلا بالسيف، حتى يستقيم أوده، ويصح معوجه. وجنود التوحيد - بحمد الله - منصورة وراياتهم بالسعد والإقبال منشورة، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [سورة الشعراء آية: 227] ، و: {فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [سورة المائدة آية: 56]. وقال تعالى: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [سورة الصافات آية: 173] ، و {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الروم آية: 47]، و {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [سورة الأعراف آية: 128] .) الدرر السنية 1/ 234-236
وقال : (قد قدمنا الكلام على سؤال الميت والاستغاثة به، وبينا الفرق بينه وبين التوسل به في الدعاء، وأن سؤال الميت والاستغاثة به في قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، من الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله، واتفقت الكتب الإلهية، والدعوات النبوية، على تحريمه وتكفير فاعله، والبراءة منه ومعاداته.
ولكن في أزمنة الفترات وغلبة الجهل، لا يكفر الشخص المعين بذلك، حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة، ويبين له، ويعرف أن هذا هو الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله؛ فإذا بلغته الحجة، وتليت عليه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، ثم أصر على شركه فهو كافر، بخلاف من فعل ذلك جهالة منه، ولم ينبه على ذلك؛ فالجاهل فعله كفر، ولكن لا يحكم بكفره إلا بعد بلوغ الحجة إليه، فإذا قامت عليه الحجة ثم أصر على شركه فقد كفر) الدرر السنية - باب حكم المرتد 10/274
وقال : (وتأمل أيضا قول الشيخ رحمه الله -يعني الامام محمد بن عبدالوهاب-، في آخر الكلام: ولا ريب أن أصل قول هؤلاء، هو الشرك الأكبر، والكفر الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وأن ذلك يستلزم الردة عن الدين، والكفر برب العالمين، كيف صرح بكفر من فعل هذا وردته عن الدين، إذا قامت عليه الحجة من الكتاب والسنة، ثم أصر على فعل ذلك؛ وهذا لا ينازع فيه من عرف دين الإسلام، الذي بعث الله به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم؛ والله أعلم.). اهـ الدرر السنية - باب حكم المرتد 10/236
وسئل عمن وقع منه الكفر جهلاً سواء كان قولا، أو فعلا، أو توسلاً هل يعذر ؟
فأجاب: (إذا فعل الإنسان الذي يؤمن بالله ورسوله، ما يكون فعله كفرا، أو اعتقاده كفرا، جهلا منه بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يكون عندنا كافرا، ولا نحكم عليه بالكفر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية، التي يكفر من خالفها.
فإذا قامت عليه الحجة، وبين له ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصر على فعل ذلك بعد قيام الحجة عليه، فهذا هو الذي يكفر، وذلك لأن الكفر: إما يكون بمخالفة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا مجمع عليه بين العلماء في الجملة.
واستدلوا بقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}، وبقوله: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}.
واستدلوا أيضا: بما ثبت في الصحيحين والسنن، وغيرها من كتب الإسلام، من حديث حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن رجلا ممن كان قبلكم، قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم ذروا نصفي في البر، ونصفي في البحر؛ فوالله لئن قدر الله علي، ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين. فأمر الله البحر فجمع ما فيه، وأمر الله البر فجمع ما فيه، ثم قال له: كن، فإذا الرجل قائم. قال الله: ما حملك على ذلك؟ قال خشيتك ومخافتك، فما تلافاه أن رحمه ".
فهذا الرجل اعتقد أنه إذا فعل به ذلك، لا يقدر الله على بعثه، جهلا منه لا كفرا ولا عنادا، فشك في قدرة الله على بعثه، ومع هذا غفر له ورحمه، وكل من بلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الجاهل يحتاج إلى من يعرفه بذلك من أهل العلم، والله أعلم.) الدرر السنية 10 /239-240 باب حكم المرتد
وهذا رد تفصيلي على كذبة الإسم والحكم في المرتدين ↓↓
https://kushifalshabahaat.blogspot.com/2019/10/kadhabataismwalhukm.html
مقالات اخرى
1- بعض نصوص ائمة السلف المتقدمين في التفريق
بين النوع والعين وفي العذر بالجهل لأعيان الواقعين بالشرك الأكبر ↓↓
https://kushifalshabahaat.blogspot.com/2020/10/altafriqbaynalnawewaleayn.html
2- نص القرآن والسنة وإجماع السلف على العذر بالجهل في الشرك الأكبر ↓↓
https://kushifalshabahaat.blogspot.com/2019/06/ijmaeudhrbialjahl.html
3 - رد شيخ الإسلام على من يقسم الدين الى اصول لا يعذر فيها وفروع يعذر فيها وبيان أن هذا من اقوال المعتزلة وأهل البدع ↓↓
https://kushifalshabahaat.blogspot.com/2019/11/aswlwafurue.html
4- شبهة الفطرة التي يزعمها المعتزلة والخوارج والرد عليها ↓↓
https://kushifalshabahaat.blogspot.com/2019/06/shabhatalfatra.html
5- شبهة الميثاق التي يحتج بها المعتزلة والخوارج والرد عليها ↓↓
https://kushifalshabahaat.blogspot.com/2019/06/shbhtmithaq.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق