الجمعة، 1 مارس 2019

مذاهب طاغوتية معاصرة (الديمقراطية، القومية، البعثية)




بسم الله الرحمن الرحيم


قال تعالى: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)

قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)


الديمقراطية


الديمقراطية هي : حكم الشعب، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بن السلطات، واستقلال القضاء، واحترام حقوق الإنسان، وسيادة القانون على الجميع.

1- حكم الشعب: المقصود به أن الحكم يرجع الى الشعب لا إلى الله تعالى، فالشعب يحكم بما يريد، وذلك عبر من ينوب عنهم في المجالس التشريعية.

وهذا ضلال عظيم فالله عز وجل هو الحكم واليه الحكم.


قال تعالى: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) الأعراف 54

قال تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) القصص 68

قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} يوسف 40

قال تعالى: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} وفي قراءة ابن عامر: {وَلاَ تُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} الكهف 26

قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} المائدة 50

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} النساء 60

قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} النساء 65

قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله هو الحكم واليه الحكم). [اخرجه ابوداود وهو صحيح]

فالله سبحانه خالق كل شيء وهو من يأمر ويشرع، وهو الحكم الذي يحكم ويفصل بين عباده، وليس لأحد أن يشرع مع الله أو يختار ما يخالف حكم الله.

تنبيه: الحكم بغير ما أنزل الله والدخول في المجالس التشريعية ليس بكفر على اطلاقه بل يشترط فيه الاعتقاد.
روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44] قال: (من جحد ما أنزل الله، فقد كفر، ومن أقرّبه، لم يحكم به فهو ظالم فاسق). أخرجه الطبري في «جامع البيان» (6/166) بإسناد حسن. «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للإلباني (6/114)

وقال طاووس عن ابن عباس أيضاً في قوله: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}؛ قال: (ليس بالكفر الذي يذهبون إليه).

أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/522/574) بإسناد صحيح. «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للإلباني (6/114)

وفي لفظ: (كفر لا ينقل عن الملة). وفي لفظ آخر: (كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق). أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/522/575) «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للإلباني (6/114) 

ولفظ ثالث: (هو به كفره، وليس كمن كفر بالله، وملائكته، وكتبه ورسله). أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/521/570) وإسناده صحيح.


(العلماء الأعلام الذين صرحوا بصحة تفسير ابن عباس واحتجوا به)

الحاكم في المستدرك (2/393)، ووافقه الذهبي، الحافظ ابن كثير في تفسيره (2/64) قال: صحيح على شرط الشيخين، الإمام القدوة محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/520)، الإمام أبو المظفر السمعاني في تفسيره (2/42)، الإمام البغوي في معالم التنزيل (3/61)، الإمام أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن (2/624)، الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (6/190)، الإمام البقاعي في نظم الدرر (2/460)، الإمام الواحدي في الوسيط (2/191)، العلامة صديق حسن خان في نيل المرام (2/472)، العلامة محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان (2/101)، العلامة أبو عبيد القاسم بن سلام في الإيمان (ص 45)، العلامة أبو حيان في البحر لمحيط (3/492)، الإمام ابن بطة في الإبانة (2/723)، الإمام ابن عبد البر في التمهيد (4/237)، العلامة الخازن في تفسيره (1/310)، العلامة السعدي في تفسيره (2/296)، شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (7/312)، العلامة ابن القيم الجوزية في مدارج السالكين (1/335)، محدث العصر العلامة الألباني في "الصحيحة" (6/109).

قال فقيه الزمان العلامة ابن عثيمين في "التحذير من فتنة التكفير" (ص 6):
لكن لما كان هذا الأثر لا يرضي هؤلاء المفتونين بالتكفير؛ صاروا يقولون: هذا الأثر غير مقبول! ولا يصح عن ابن عباس! فيقال لهم: كيف لا يصحّ؛ وقد تلقاه من هو أكبر منكم، وأفضل، وأعلم بالحديث؟! وتقولون: لا نقبل ... فيكفينا أن علماء جهابذة؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم – وغيرهما – كلهم تلقوه بالقبول ويتكلمون به، وينقلونه؛ فالأثر صحيح


قال شيخ الاسلام ابن تيمية في بيان اشتراط "الإعتقاد" في شرك الطاعة والحكم:
(وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحلّ الله يكونون على وجهين:

أحدهما: أن يعلموا أنهم بدّلوا دين الله فيتّبعونهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله اتباعاً لرؤساهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شركاً وإن لم يكونوا يصلّون لهم ويسجدون لهم، فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركاً مثل هؤلاء.

والثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام ثابتاً، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إنما الطاعة في المعروف}، وقال: {على المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية}). مجموع الفتاوى 7/70

 وقال في بيان أن المبدل والمشرع شرعاً هو من ينسب حكمه لله عز وجل كذباً وعمداً  بغير تأويل وليس بمجرد الحكم بغير ما انزل الله، وأن الحكم بغير ما أنزل الله يشترط فيه الاستحلال: (والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافرا مرتدا باتفاق الفقهاء. وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله، ولفظ الشرع يقال في عرف الناس على ثلاثة معان: "الشرع المنزل" وهو ما جاء به الرسول وهذا يجب اتباعه ومن خالفه وجبت عقوبته. والثاني "الشرع المؤول" وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه. فهذا يسوغ اتباعه ولا يجب ولا يحرم، وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به ولا يمنع عموم الناس منه. والثالث "الشرع المبدل" وهو الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو على الناس بشهادات الزور ونحوها والظلم البين فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع. كمن قال: إن الدم والميتة حلال - ولو قال هذا مذهبي ونحو ذلك.) مجموع الفتاوى 267-268/ 3

قال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب في بيان اشتراط "الاعتقاد" لمن يحكم بالقوانين الوضعية:
(وإنما يحرُم إذا كان المستند إلى الشريعة باطلة تخالف الكتاب والسنة، كأحكام اليونان والإفرنج والتتر، وقوانينهم التي مصدرها آراؤهم وأهوائهم، وكذلك البادية وعادتهم الجارية... فمن استحل الحكم بهذا في الدماء أو غيرها؛ فهو كافر، قال تعالى : {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ... وهذه الآية ذكر فيها بعض المفسرين: أن الكفر المراد هنا: كفر دون الكفر الأكبر؛ لأنهم فهموا أنها تتناول من حكم بغير ما أنزل الله، وهو غير مستحل لذلك، لكنهم لا ينازعون في عمومها للمستحل، وأن كفره مخرج عن الملة). "منهاج التأسيس" ( ص 71)

وقال العلامة الشنقيطي في بيان اشتراط "الاعتقاد" لكفر المشرع:
(وبذلك تعلم أن الحلال هو ما أحله الله، والحرام هو ما حرمه الله، والدين هو ما شرعه الله، فكل تشريع من غيره باطل، والعمل به بدل تشريع الله عند من يعتقد أنه مثله أو خير منه كفر بواح لا نزاع فيه) اضواء البيان 8/48


2- التداول السلمي للسلطة: وهذا يعني أن يرضخ الناس لمن اُنتُخِب وينقادوا له ولو كان من أكفر الناس، فأحقية الولاية والحكم ترجع إلى اختيار الأكثرية من الشعب، ولا عبرة بالدين والشرع، وايضا إلغاء مشروعية جهاد الحاكم الكافر اذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، وأن التغيير لا يكون إلا عن طرق الانتخابات السلمية.

وقد أجمع العلماء على أن الولاية لا تنعقد لكافر، وأنه لو طرأ عليه الكفر وجب الخروج عليه وعزله.

قال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) النساء 141

وفي تولية الكافر على المسلم سبيل له على المؤمنين.

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الإسلام يعلو ولا يعلى) رواه الدارقطني والبيهقي وذكره البخاري تعليقاً بصيغة الجزم.

وتولية الكافر إعلاء لكلمة الكفر على كلمة الإسلام.

وهذا كفر من وجهين:

الأول: من جهة استحقاق الولاية بالأكثرية ولو كانت لكافر، وهذا كفر صراح، لأنه مخالف لما أجمعت عليه الأمة أن الولاية لا تنعقد لكافر.

الثاني: من جهة عدم جواز القيام عليه إذا كفر وتحققت شروط الخروج عليه وانتفت موانعه. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان).


3- الفصل بن السلطات: المقصود من هذا الأمر في الأصل هو فصل الدين عن الحكم والسياسة والنظام الداخلي، وهذا مبدأ العلمانية التي قامت في بلاد الكفر والتي أُريد بها التحلل من تعاليم الدين وقيمه، وقد جيء بهذا الكفر إلى بلاد المسلمين ليبعدوهم عن تعاليم الإسلام وقيمه ومبادئه، ويلقوا بهم في براثن الشرك والوثنية، والتحلل الأخلاقي.

4- استقلال القضاء: يقصدون به القضاء القائم في الدول، وهو قضاء مصدره القوانين الوضعية والمجالس التشريعية، وهو من أشد القطاعات ضلالاً.

5- احترام حقوق الإنسان: لقد شرع الله لنا أعدل الأحكام وأحسنها، فأعطى كل إنسان ما يستحق، ولا عجب فهو الخالق العالم بجميع أمور خلقه، قال تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك: 14، ولقد فرق الله بين أوليائه، وأعدائه، وفرق في الحقوق بين الذكر والأنثى فأعطى كلاً ما يستحق، ولقد غُصّت حلوق الكفار، وأزعجهم ما قرره دين الإسلام في التعامل مع الناس على أساس الدين والعقيدة.

وكرهوا ما أتى به الشرع في باب الحدود والجنايات، وأنكروا ما حدده في الحقوق ومقاديرها بين الذكر والأنثى.

فأنشأوا فكرة ما سموه بحقوق الإنسان، ليُشوّهوا أحكام الدين، ويصرفوا الناس عن عقيدة الولاء والبراء، وينفّروا المسلمين من الأحكام الشرعية.

والمقصود بحقوق الإنسان هو:

- التعامل مع الناس على أساس الإنسانية والمادة البشرية، بعيداَ عن الأساس الديني والعقَدي.

- إنكار الحدود الشرعية: كالقصاص، والقطع، والرجم، والجلد، باعتبار أنها تخالف مفهوم الإنسانية.

- إنكار الفروق بين الرجل والمرأة في الحقوق المقررة شرعاُ، كالطلاق والميراث، والدية، ونحوها، باعتبار اشتراكهم في الأنسانية.

وكل واحدة من الثلاث السابقة كفر مستقل بذاته، لأنها تكذيب للقرآن، وإنكار لأحكامه، وقد أجمعت الأمة على أن من أنكر أو كذّب بشيء من القرآن فهو كافر.

قال الإمام إسحاق بن راهوية -رحمه الله-: أجمع المسلمون على أن من سب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو دفع شيئاً مما أنزل الله عز وجل أو قتل نبياُ من أنبياء الله عز وجل: أنه كافر بذلك وإن كان مقراً بكل ما أنزل الله. [ التمهيد (4/226)، الصارم المسلول 1/9 ]


6- سيادة القانون على الجميع: يعني أن المصدر الأساسي الذي تسير ليه الدولة هو القانون، لأنه المصدر الأساسي الذي يقوم عليه النظام ويرجع إليه ويصدر عنه.

فالقانون هو المشرع، وهو المطاع المتبع، الذي يجب الخضوع له والانقياد لحكمه، والرجوع إليه في كل أمر دون دين الله وشرعه وهذا والعياذ بالله من اعظم الضلال.


القومية


القومية: دعوة جاهلية إلحادية، تهدف إلى محاربة الإسلام، والتخلص من أحكامه وتعاليمه، واستبدال ذلك بالقومية، وجعلها المظلة التي تجتمع تحتها الحقوق وتتساوى، وعليها يعقد الولاء والبراء.

والقوميون يعتبرون الدعوة إلى الإسلام دعوة ناقصة عن تحقيق طموحات القوميين، بل يعتبر الدين رجعية في نظرهم، ويجب فصله عن الدولة أيضاً.

بل يسعى دعاة القومية: أن تكون القومية بديلاً عن النبوات، وأن نبوة القومية يجب أن يبذل لها كل غال ورخيص، وأن يكون الإيمان بها أقوى من كل الروابط وجعلوها في الكفة الأخرى مع الإيمان بالله تعالى، وأنها يجب أن تكون هي الديانة لكل عربي.

ويتمثل دعاة الفكر القومي كثيراً قول الشاعر:

هبُوني عيداً يجعل العرب أمةً ... وسيروا بجثماني على دين برهم

سلامٌ على كُفرٍ يوحد بيننا ... وأهلاً وسهلاً بعدهُ بجهنمِ!

ويقول بعض مفكري القومية العربية: إذا كان لكل عصر نبوته المقدسة فإن القومية العربية هي نبوة العصر!

وقال أحدهم:

يا مسلمون ويا نصارى دينكم ... دين العروبة واحد لا اثنان

- إذا تبين هذا علمت أن القومية من الطواغيت التي أصبحت تقدم على الدين، ويعقد من أجلها الولاء والبراء، فيجب الكفر بها، والبراءة منها، وتكفير أهلها والبراءة منهم ومعادتهم.


البعثية

حزب البعث: حزب قومي، علماني لا ديني، يدعو إلى الانقلاب الشامل في المفاهيم والقيم العربية، لصهرها وتحويلها إلى التوجه الاشتراكي، ولهم شعار معلن وهو: أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، وهي رسالة الحزب.

ومؤسس هذا الحزب هو: ميشيل عفلق النصراني، أسّس حزب البعث العربي الاشتراكي في إبريل (نيسان) عام 1947 م.

وكان مقصوده من تأسيس هذا الحزب هو إعادة الجاهلية القومية، والتنكّر للإسلام ودفع تعاليمه، وقلب مفاهيم الأخوة الإسلامية وصهرها في القومية العربية، بحيث تصبح القومية العربية هي مقعد الولاء والبراء، وتحته تزول الفوارق الدينية.

فمن الأصول التي وضعها مؤسس هذا الحزب:

- المادة الخامسة: (يحظر تأسيس الأحزاب السياسية والجمعيات التي تقوم على أساس زجّ الدين في السياسة).

وهذا هو عين العلمانية اللادينية، التي تهدف إلى التحرر من تعاليم الإسلام وأحكامه، وإقصاء الدين عن المعاملات، وحصره في المساجد فقط.

- كما جاء في المادة (15) من مبادئ الحزب: (الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدول العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين ...).

وهذه واضحة في إلغاء الأخوة الإسلامية، وجعل القومية هي أساس الأخوة والمحبة والعداوة.

وفي المادة (41): (ترمي سياسة الحزب إلى خلق جيل عربي يأخذ بالتفكير العلمي وطليق من قيود الخرافات والتقاليد الرجعية) (انظر: نضال حزب البعث لميشيل عفلق 1/170)

ويقصد بالتقاليد الرجعية: تعاليم الإسلام وشرائعه وأحكامه.

ومن شعاراتهم:

آمنت بالبعث رباً لا شريك له ... وبالعروبة ديناً ما له ثانٍ

والحاصل أن دعوة حزب البعث قومية كفرية جاهلية تنقض أصل الدين وتحارب تعاليمه، والمقصود منها: هو إبعاد المسلمين عن دينهم، وتفريق كلمتهم وإضعاف شوكتهم، وتمزيق رابطة الدين التي جمعت بين المسلمين على مختلف ألسنتهم وبلدانهم.


صفة الكفر بالطاغوت


لقد بين الله سبحانه وتعالى أن الكفر بالطاغوت شرط في الإيمان، فقال سبحانه: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة:256

والكفر بالطاغوت يكون بأمور:

أن تكفر بها: وذلك باعتقاد بطلان عبادة غير الله، وبطلان الأديان والمذاهب الكفرية.

وتتركها: وذلك بالبراءة منها، ومن أهلها.

وتبغضها.

وتكفر أهلها، وذلك باعتقاد كفر من يعبد الطواغيت أو يؤمن بهذه المذاهب الطاغوتية بعد قيام الحجة عليه وزوال الشبهة عنه.

وتعاديهم.

قال الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله-: (اعلم رحمك الله، أن أول ما فرض الله على ابن آدم: الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله والدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل آية: 36].

فأما صفة الكفر بالطاغوت فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها، وتبغضها، وتكفر أهلها، وتعاديهم، وأما معنى الإيمان بالله فأن تعتقد، أن الله هو الإله المعبود وحده، دون من سواه، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص وتواليهم، وتبغض أهل الشرك وتعاديهم؛ وهذه ملة إبراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها، وهذه هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [سورة الممتحنة آية: 4].) [الدرر السنية 1/161]

وقال -رحمه الله-: (وأنت يا من من الله عليه بالإسلام، وعرف أن ما من إله إلا الله، لا تظن أنك إذا قلت: هذا هو الحق، وأنا تارك ما سواه، لكن لا أتعرض للمشركين، ولا أقول فيهم شيئاً، لا تظن أن ذلك يحصل لك به الدخول في الإسلام، بل لا بد من بغضهم، وبغض من يحبهم، ومسبتهم، ومعاداتهم.) [الدرر السنية 2/109]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق